قبل بضع سنوات، بدأت الأبحاث تشير إلى أن خطر الإصابة بالخرف يتراجع في حالة مَن يتناولون الستاتينات للحد من خطر الأمراض القلبية الوعائية. ولكن يتبين في الوقت عينه أن بعض مَن يأخذون الستاتينات يعانون فقدان الذاكرة، النسيان، وتشوشاً ذهنياً. نتيجة لذلك، وسّعت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية عام 2012 نصائحها في شأن مخاطر الستاتينات لتشمل الاضطرابات المعرفية.
ثمة أساس بيولوجي محتمل لكلا التأثيرين. تحد الستاتينات من الكولسترول السيئ، مخفضةً بالتالي خطر الأمراض القلبية الوعائية التي تسهم أيضاً في الإصابة بالخرف. كذلك تمنع الستاتينات تراكم بروتين الأميلويد في الدماغ، الذي يترافق مع مرض الزهايمر. لكن الكولسترول يؤدي أيضاً دوراً إيجابياً في كيمياء الدماغ. نتيجة لذلك، يؤثر انخفاضه إلى معدلات متدنية في الذاكرة وعملية التفكير.
حضت نصائح إدارة الأغذية والأدوية الأميركية، التي ترتكز على تعليقات المرضى لا الأبحاث السريرية، مجموعات عدة من الباحثين على تحليل بيانات دراسات سريرية أجريت خلال بضعة عقود مضت. فاستخلصت كلها أن الأدلة غير قوية كفاية لمنع الناس من تناول الستاتينات بغية خفض معدل الكولسترول السيئ في دمهم. يقول الدكتور سكوت ماكغينيس، مدرس متخصص في علم الأعصاب في كلية الطب في جامعة هارفارد: {ما من دليل قوي يشير إلى أن الستاتينات تسبب خللاً معرفياً أو فقدان ذاكرة، مع أننا نفتقر إلى دراسات عالية الجودة تؤكد ذلك بشكل حاسم}.
لكن الدكتور ماكغينيس يضيف، مشيراً إلى أن الدراسات المتوافرة تقدّم نتائج مختلطة: {ما من دليل حاسم أيضاً على أن الستاتينات تحمي من الزهايمر}. صحيح أن مَن يظنون أن الستاتينات تحد من خطر الخرف حظوا باهتمام أكبر، إلا أن دراسات عدة أخرى لم تتوصل إلى أي تأثير.
تبدو الدراسات غير حاسمة للأسباب التالية:
ثمة ثمانية أنواع مختلفة من الستاتين تختلف كثيراً إحداها عن الأخرى. كذلك يُعتبر بعضها أكثر قدرة من غيره على دخول الدماغ. نتيجة لذلك، قد تتوصل دراسة ما إلى نتائج محددة مع أحد أنواع الستاتين لا يمكن تكرارها مع نوع آخر.
شملت دراسات كثيرة أشخاصاً يعانون أساساً مرض ألزهايمر. ولم تتناول ما إذا كان الأشخاص الأكثر عرض لهذا المرض يستفيدون من أخذ الستاتينات في منتصف العمر، علماً أن بروتين الأميلويد يبدأ بالتراكم في هذه المرحلة.
في الوقت الراهن، ما من سبب لتناول الستاتينات بغية الحد من خطر الإصابة بالخرف فحسب. يوضح الدكتور ماكغينيس: {لا نملك أدلة قوية على أن للستاتينات تأثيرات جانبية محتملة. قد نتمكن في المستقبل من تحديد مَن قد يستفيدون من هذه الأدوية بالاستناد إلى وضعهم الجيني ومؤشرات أخرى إلى خطر الإصابة بالمرض. لكننا لم نبلغ بعد هذه المرحلة}. نتيجة لذلك، ينصح في الوقت الراهن باتباع نمط حياة صحي، اعتماد نظام غذائي متوسطي، ممارسة تمارين الأيروبيك بانتظام، والحصول على قسط نوم وافٍ.
وإذا كنت تتناول الستاتينات لخفض خطر مرض القلب، فلا تقلع عنها. ففوائدها الأكيدة للقلب تفوق بأشواط مخاطرها المحتملة على الدماغ.

أدوية الستاتين هل تمنع الخرف؟
3310 اجمالي المشاهدات 2 المشاهدات اليوم